ثم قال رحمه الله: (وهذا كالرسالة والنبوة، فالنبوة داخلة في الرسالة، والرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها، فكل رسول نبي ولا ينعكس) يعني: عندما نطبق هذا على الإيمان والإحسان نقول: كل محسن مؤمن، وليس كل مؤمن محسناً، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً.وهكذا دائماً العلاقة إذا كانت بين شيئين هي العموم والخصوص من وجه فإنها لا تنعكس، وكذلك فالنبوة والرسالة، فعلى القول المشهور: أن الرسل هم مجموعة أو صفوة من الأنبياء، فالأنبياء كثير ولكن الرسل عددهم أقل، فعلى هذا نستطيع أن نقول: إن كل رسول نبي، ولا يصح أن نقول: كل نبي رسول؛ لأننا لو قلنا ذلك أصبح لفظ النبي والرسول تعبيران مترادفين، وعلى هذا وقع الخلاف هنا؛ فإن بعض العلماء ذهبوا إلى أن كل مسلم مؤمن، وكل مؤمن مسلم فكانت النتيجة أن يقولوا بالترادف بينهما، وذهب إلى هذا الإمام
البخاري رحمه الله، وهو على فضله وجلالة قدره وعلمه كان يرى ذلك، والإمام
محمد بن نصر المروزي أيضاً يذهب إلى الترادف، ولكن قد ذكرنا عندما تعرضنا لآية الحجرات أنها من أوضح ما نستدل به على التغاير بين الإسلام والإيمان، فالإمام
البخاري رحمه الله عندما قال هذا قرره بأن الإسلام هو الاستسلام يعني: كأنهم قالوا: استسلمنا وانقدنا بظواهرنا، ولم يسلموا على الحقيقة، وهذا مدلول ترجمته رضي الله تعالى عنه. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.